تفسير ابن كثر - سورة النور الآية 30 | مريم ابنت عمران عليها السلام للقرآن الكريم

تفسير ابن كثر - سورة النور - الآية 30

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) (النور) mp3
هَذَا أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ فَلَا يَنْظُرُوا إِلَّا إِلَى مَا أَبَاحَ لَهُمْ النَّظَر إِلَيْهِ وَأَنْ يُغْمِضُوا أَبْصَارهمْ عَنْ الْمَحَارِم فَإِنْ اِتَّفَقَ أَنْ وَقَعَ الْبَصَر عَلَى مُحَرَّم مِنْ غَيْر قَصْد فَلْيَصْرِفْ بَصَره عَنْهُ سَرِيعًا كَمَا رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث يُونُس بْن عُبَيْد عَنْ عَمْرو بْن سَعِيد عَنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو بْن جَرِير عَنْ جَدّه جَرِير بْن عَبْد اللَّه الْبَجْلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَة الْفَجْأَة فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِف بَصَرِي . وَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ هُشَيْم عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد بِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثه أَيْضًا وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح وَفِي رِوَايَة لِبَعْضِهِمْ فَقَالَ " أَطْرِقْ بَصَرك" يَعْنِي اُنْظُرْ إِلَى الْأَرْض وَالصَّرْف أَعَمّ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُون إِلَى الْأَرْض وَإِلَى جِهَة أُخْرَى وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى الْفَزَارِيّ حَدَّثَنَا شَرِيك عَنْ أَبِي رَبِيعَة الْإِيَادِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَة عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ " يَا عَلِيّ لَا تُتْبِع النَّظْرَة النَّظْرَة فَإِنَّ لَك الْأُولَى وَلَيْسَ لَك الْآخِرَة " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث شَرِيك وَقَالَ : غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثه وَفِي الصَّحِيح عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوس عَلَى الطُّرُقَات " قَالُوا يَا رَسُول اللَّه لَا بُدّ لَنَا مِنْ مَجَالِسنَا نَتَحَدَّث فِيهَا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الطَّرِيق حَقّه " . قَالُوا وَمَا حَقّ الطَّرِيق يَا رَسُول اللَّه ؟ - قَالَ : " غَضّ الْبَصَر وَكَفّ الْأَذَى وَرَدّ السَّلَام وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر " وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ حَدَّثَنَا طَالُوت بْن عَبَّاد حَدَّثَنَا فُضَيْل بْن حُسَيْن سَمِعْت أَبَا أُمَامَة يَقُول سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " اُكْفُلُوا لِي بِسِتٍّ أَكْفُل لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدكُمْ فَلَا يَكْذِب وَإِذَا اُؤْتُمِنَ فَلَا يَخُنْ وَإِذَا وَعَدَ فَلَا يُخْلِف وَغُضُّوا أَبْصَاركُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجكُمْ " . وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ" مَنْ يَكْفُل لِي مَا بَيْن لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْن رِجْلَيْهِ أَكْفُل لَهُ الْجَنَّة " وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا مَعْمَر عَنْ أَيُّوب عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَة قَالَ : كُلّ مَا عُصِيَ اللَّه بِهِ فَهُوَ كَبِيرَة وَقَدْ ذَكَرَ الطَّرَفَيْنِ فَقَالَ " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ " وَلَمَّا كَانَ النَّظَر دَاعِيَة إِلَى فَسَاد الْقَلْب كَمَا قَالَ بَعْض السَّلَف : النَّظَر سَهْم سُمّ إِلَى الْقَلْب . وَلِذَلِكَ أَمَرَ اللَّه بِحِفْظِ الْفُرُوج كَمَا أَمَرَ بِحِفْظِ الْأَبْصَار الَّتِي هِيَ بَوَاعِث إِلَى ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجهمْ " وَحِفْظ الْفَرْج تَارَة يَكُون بِمَنْعِهِ مِنْ الزِّنَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ " الْآيَة وَتَارَة يَكُون بِحِفْظِهِ مِنْ النَّظَر إِلَيْهِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث فِي مُسْنَد أَحْمَد وَالسُّنَن " اِحْفَظْ عَوْرَتك إِلَّا مِنْ زَوْجَتك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينك " " ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ " أَيْ أَطْهَر لِقُلُوبِهِمْ وَأَتْقَى لِدِينِهِمْ كَمَا قِيلَ مَنْ حَفِظَ بَصَره أَوْرَثَهُ اللَّه نُورًا فِي بَصِيرَته وَيُرْوَى فِي قَلْبه . وَرَوَى الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَتَّاب حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن زَحْر عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ الْقَاسِم عَنْ أَبِي أُمَامَة " عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ مُسْلِم يَنْظُر إِلَى مَحَاسِن اِمْرَأَة ثُمَّ يَغُضّ بَصَره إِلَّا أَخْلَفَ اللَّه لَهُ عِبَادَة يَجِد حَلَاوَتهَا" وَرُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا عَنْ اِبْن عُمَر وَحُذَيْفَة وَعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَلَكِنْ فِي أَسَانِيدهَا ضَعْف إِلَّا أَنَّهَا فِي التَّرْغِيب وَمِثْله يُتَسَامَح فِيهِ وَفِي الطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن يَزِيد عَنْ عَلِيّ بْن يَزِيد عَنْ الْقَاسِم عَنْ أَبِي أُمَامَة مَرْفُوعًا " لَتَغُضُّنَّ أَبْصَاركُمْ وَلَتَحْفَظُنَّ فُرُوجكُمْ وَلَتُقِيمُنَّ وُجُوهكُمْ أَوْ لَتُكْسَفَنَّ وُجُوهكُمْ" وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زُهَيْر التُّسْتَرِيّ قَالَ : قَرَأْنَا عَلَى مُحَمَّد بْن حَفْص بْن عُمَر الضَّرِير الْمُقْرِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر حَدَّثَنَا هُرَيْم بْن سُفْيَان عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق عَنْ الْقَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود " قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ النَّظَر سَهْم مِنْ سِهَام إِبْلِيس مَسْمُوم مَنْ تَرَكَهَا مَخَافَتِي أَبْدَلْته إِيمَانًا يَجِد حَلَاوَتهَا فِي قَلْبه " وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّ اللَّه خَبِير بِمَا يَصْنَعُونَ " كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَعْلَم خَائِنَة الْأَعْيُن وَمَا تُخْفِي الصُّدُور " وَفِي الصَّحِيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُتِبَ عَلَى اِبْن آدَم حَظّه مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَة فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَر وَزِنَا اللِّسَان النُّطْق وَزِنَا الْأُذُنَيْنِ الِاسْتِمَاع وَزِنَا الْيَدَيْنِ الْبَطْش وَزِنَا الرِّجْلَيْنِ الْخُطَى وَالنَّفْس تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ تَعْلِيقًا وَمُسْلِم مُسْنَدًا مِنْ وَجْه آخَر بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ . وَقَدْ قَالَ كَثِير مِنْ السَّلَف إِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ أَنْ يُحِدّ الرَّجُل نَظَره إِلَى الْأَمْرَد وَقَدْ شَدَّدَ كَثِير مِنْ أَئِمَّة الصُّوفِيَّة فِي ذَلِكَ وَحَرَّمَهُ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِتَان وَشَدَّدَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا جِدًّا . وَقَالَ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْمَدَنِيّ حَدَّثَنَا عُمَر بْن سَهْل الْمَازِنِيّ حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن صَهْبَان عَنْ صَفْوَان بْن سُلَيْم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلّ عَيْن بَاكِيَة يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عَيْنًا غَضَّتْ عَنْ مَحَارِم اللَّه وَعَيْنًا سَهِرَتْ فِي سَبِيل اللَّه وَعَيْنًا يَخْرُج مِنْهَا مِثْل رَأْس الذُّبَاب مِنْ خَشْيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها

    الهمة العالية : بيان معوقات الهمة العالية، ومقوماتها.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    http://www.islamhouse.com/p/172591

    التحميل:

  • مختصر الإيمان بالقضاء والقدر

    مختصر الإيمان بالقضاء والقدر : هذه الرسالة مختصرة من كتاب الإيمان بالقضاء والقدر للمؤلف.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    http://www.islamhouse.com/p/172705

    التحميل:

  • الذكرى [ نصائح عامة ]

    الذكرى [ نصائح عامة ] : فإن وقوع الكثير من الناس في الشرك وهم لا يشعرون، وإن ترك الكثير من الناس للصلوات الخمس، وإن التبرج والاختلاط الذي وقع فيه أكثر النساء، وغير ذلك من المعاصي المتفشية بين الناس: خطر عظيم يستدعي تقديم هذه النصيحة لكافة من يراها أو يسمعها أو تبلغه، إظهارًا للحق، وإبراء للذمة.

    الناشر: موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    http://www.islamhouse.com/p/265562

    التحميل:

  • النور والظلمات في ضوء الكتاب والسنة

    النور والظلمات في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في (النور والظلمات في الكتاب والسُّنَّة)، ذكرت فيها بإيجاز الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي جاء فيها ذكر النور والظلمات، وفسرت الآيات، وشرحت الأحاديث وبنيت ذلك على كلام أئمة التفسير وشُرَّاح السنة».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    http://www.islamhouse.com/p/193643

    التحميل:

  • معاني الآثار

    بين المصنف - رحمه الله - الآثار المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة أن بعضها ينقض بعضاً؛ وذلك لقلة علمهم بناسخها من منسوخها، ورتبها على الأبواب الفقهية.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    http://www.islamhouse.com/p/2460

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة