تفسير ابن كثر - سورة الأنفال الآية 7 | مريم ابنت عمران عليها السلام للقرآن الكريم

تفسير ابن كثر - سورة الأنفال - الآية 7

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) (الأنفال) mp3
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن بُكَيْر وَعَبْد الرَّزَّاق قَالَا : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل عَنْ سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين فَرَغَ مِنْ بَدْر عَلَيْك بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونهَا شَيْء فَنَادَاهُ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب قَالَ عَبْد الرَّزَّاق وَهُوَ أَسِير فِي وَثَاقه إِنَّهُ لَا يَصْلُح لَك . قَالَ وَلِمَ ؟ قَالَ لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا وَعَدَك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقَدْ أَعْطَاك اللَّه مَا وَعَدَك إِسْنَاد جَيِّد وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى " وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْر ذَات الشَّوْكَة تَكُون لَكُمْ " أَيْ يُحِبُّونَ أَنَّ الطَّائِفَة الَّتِي لَا حَدّ لَهَا وَلَا مَنَعَة وَلَا قِتَال تَكُون لَهُمْ وَهِيَ الْعِير " وَيُرِيد اللَّه أَنْ يُحِقَّ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ " أَيْ هُوَ يُرِيد أَنْ يَجْمَع بَيْنكُمْ وَبَيْن الطَّائِفَة الَّتِي لَهَا الشَّوْكَة وَالْقِتَال لِيُظَفِّرَكُمْ بِهِمْ وَيَنْصُرَكُمْ عَلَيْهِمْ . وَيُظْهِر دِينَهُ وَيَرْفَع كَلِمَة الْإِسْلَام وَيَجْعَلهُ غَالِبًا عَلَى الْأَدْيَان وَهُوَ أَعْلَم بِعَوَاقِب الْأُمُور وَهُوَ الَّذِي يُدَبِّرُكُمْ بِحُسْنِ تَدْبِيره وَإِنْ كَانَ الْعِبَاد يُحِبُّونَ خِلَاف ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَر لَهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال وَهُوَ كُرْه لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ " وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُسْلِم الزُّهْرِيّ وَعَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر وَيَزِيد بْن رُومَان عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَغَيْرهمْ مِنْ عُلَمَائِنَا عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس كُلّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْض هَذَا الْحَدِيث فَاجْتَمَعَ حَدِيثهمْ فِيمَا سُقْت مِنْ حَدِيث بَدْر قَالُوا لَمَّا سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَان مُقْبِلًا مِنْ الشَّام نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ . وَقَالَ هَذِهِ عِير قُرَيْش فِيهَا أَمْوَالهمْ فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّه أَنْ يُنَفِّلَكُمُوهَا فَانْتَدَبَ النَّاس فَخَفَّ بَعْضهمْ وَثَقُلَ بَعْضهمْ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْقَى حَرْبًا وَكَانَ أَبُو سُفْيَان قَدْ اسْتَنْفَرَ حِين دَنَا مِنْ الْحِجَاز يَتَجَسَّس الْأَخْبَار . وَيَسْأَل مَنْ لَقِيَ مِنْ الرُّكْبَان تَخَوُّفًا عَلَى أَمْر النَّاس حَتَّى أَصَابَ خَبَرًا مِنْ بَعْض الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابه لَك وَلِعِيرِك فَحَذَرَ عِنْد ذَلِكَ فَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَم بْن عَمْرو الْغِفَارِيّ فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْل مَكَّة وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِي قُرَيْشًا فَيَسْتَنْفِرهُمْ إِلَى أَمْوَالهمْ وَيُخْبِرهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ عَرَضَ لَهَا فِي أَصْحَابه فَخَرَجَ ضَمْضَم بْن عَمْرو سَرِيعًا إِلَى مَكَّة وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابه حَتَّى بَلَغَ وَادِيًا يُقَال لَهُ ذَفِرَان فَخَرَجَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِهِ نَزَلَ وَأَتَاهُ الْخَبَر عَنْ قُرَيْش بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ فَاسْتَشَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاس وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قُرَيْش فَقَامَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ . ثُمَّ قَامَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ . ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَاد بْن عَمْرو فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه اِمْضِ لِمَا أَمَرَك اللَّه بِهِ فَنَحْنُ مَعَك وَاَللَّهِ لَا نَقُول لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل لِمُوسَى " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ " وَلَكِنْ اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَوْ سِرْت بِنَا إِلَى بَرْك الْغِمَاد - يَعْنِي مَدِينَة الْحَبَشَة - لَجَالَدْنَا مَعَك مِنْ دُونه حَتَّى تَبْلُغَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيّهَا النَّاس " وَإِنَّمَا يُرِيد الْأَنْصَار وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَدَد النَّاس وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِين بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّا بُرَآء مِنْ ذِمَامِك حَتَّى تَصِلَ إِلَى دَارنَا فَإِذَا وَصَلْت إِلَيْنَا فَأَنْتَ فِي ذِمَامنَا نَمْنَعك مِمَّا نَمْنَع مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّف أَنْ لَا تَكُون الْأَنْصَار تَرَى عَلَيْهَا نُصْرَتَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوّهُ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِير بِهِمْ إِلَى عَدُوّ مِنْ بِلَادهمْ فَلَمَّا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ سَعْد بْن مُعَاذ وَاَللَّهِ لَكَأَنَّك تُرِيدنَا يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " أَجَلْ " فَقَالَ : فَقَدْ آمَنَّا بِك وَصَدَّقْنَاك وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحَقّ وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة فَامْضِ يَا رَسُول اللَّه لِمَا أَمَرَك اللَّه فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إِنْ اِسْتَعْرَضْت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لَخُضْنَاهُ مَعَك مَا يَتَخَلَّف مِنَّا رَجُل وَاحِد وَمَا نَكْرَه أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْد الْحَرْب صُدُقٌ عِنْد اللِّقَاء وَلَعَلَّ اللَّه يُرِيك مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنك فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَة اللَّه فَسُرَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ سَعْد وَنَشَّطَهُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : " سِيرُوا عَلَى بَرَكَة اللَّه وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّه قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَاَللَّهِ لَكَأَنِّي الْآن أَنْظُر إِلَى مَصَارِع الْقَوْم " وَرَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْو هَذَا وَكَذَلِكَ قَالَ السُّدِّيّ وَقَتَادَة وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَغَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَاء السَّلَف وَالْخَلَف اِخْتَصَرْنَا أَقْوَالهمْ اِكْتِفَاء بِسِيَاقِ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية: رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية.

    http://www.islamhouse.com/p/1880

    التحميل:

  • الرائد في تجويد القرآن

    الرائد في تجويد القرآن: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «ولا يزالُ المُسلمون على مدى العصور والدهور يتَسَابقون إلى اكتِسابِ شرفِ خدمةِ هذا الكتابِ المَجيدِ تعليمًا، وتدوينًا، وتسجيلاً. ولقد كان من نعم الله عليَّ أن أكون ضمنَ من أوقَفوا حياتَهم على دراسةِ علوم القرآن الكريم. وإن هذا الجهد المُتواضِع الذي بذَلتُه في كتابي هذا: «الرائد في تجويد القرآن»، أرجو أن يكون في موضعِ القَبول».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    http://www.islamhouse.com/p/384393

    التحميل:

  • قيام الليل في ضوء الكتاب والسنة

    قيام الليل في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «قيام الليل» أوضحت فيها: مفهوم التهجد، وفضل قيام الليل، وأفضل أوقاته، وعدد ركعاته، وآداب قيام الليل، والأسباب المعينة عليه، وبيّنت مفهوم صلاة التراويح، وحكمها، وفضلها، ووقتها، وعدد ركعاتها، ومشروعية الجماعة فيها، ثم أوضحت الوتر، وحكمه، وفضله، ووقته، وأنواعه، وعدده، والقراءة فيه، والقنوت في الوتر، والدعاء بعد السلام من الوتر، وأن الوتر من صلاة الليل وهو آخره، وحكم قضاء سنة الوتر لمن نام عنها أونسيها، وكل مسألة قرنتها بدليلها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    http://www.islamhouse.com/p/1919

    التحميل:

  • الواسطة بين الحق والخلق

    الواسطة بين الحق والخلق: رسالة صغيرة في حجمها كبيرة في معناها، مفيدة جدا في معرفة أنواع الوسائط والتوسل، والتوحيد، والشرك، وغيرها من الأمور المهمة، وهي من تحقيق الشيخ محمد بن جميل زينو.

    http://www.islamhouse.com/p/1907

    التحميل:

  • تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة

    تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة : أصل هذا السفر العظيم تعجيل المنفعة كتاب "التذكرة في رجال الكتاب العشرة" لأبي المحاسن شمس الدين محمد بن حمزة الحسيني الشافعي (715-765) حيث اختصر فيه كتاب "تهذيب الكمال" للحافظ المزي، وأضاف لتراجمة من في "مسند أبي حنيفة للحارثي"، و"الموطأ" لمالك، والمسند للشافعي، ومسند الإمام أحمد، وقال في أوله: "ذكرت فيها رجال كتب الأئمة الربعة المقتدى بهم، أن عمدتهم في استدلالهم لمذاهبهم في الغالب على ما رووه بأسانيدهم في مسانيدهم" ثم أفاد الحافظ ابن حجر من هذا الكتاب فحذف رجال الأئمة الستة، واكتفى بإيرادهم في كتاب "تهذيب التهذيب" وسلخ ما ذكره الحافظ الحسيني في رجال الأئمة الأربعة، فبدأ بما قاله ثم يعقب أو يسترد ألفاظ جرح وتعديل أو شيوخ للراوي المترجم.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    http://www.islamhouse.com/p/141380

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة